أكسنتشير تستحوذ على 24% من عمليات تعهيد الخدمات المحاسبية ..والاندماج وسيلة أوروبية لمواجهة توغل الشركات الهندية
توقع تقرير أعده مركز تشجيع صادرات الدول النامية إلى أوروبا "سي بي أي" أن يحقق سوق تعهيد الخدمات المالية والمحاسبية الأوروبي معدل زيادة تقدر بنحو 16.4% وذلك بحلول عام 2011. ويركز التقرير الذي جاء تحت عنوان " السوق الأوروبية للتعهيد المحاسبي" على أن هناك تغيرا يطرأ على الشركات والمؤسسات الساعية لتعهيد أجزاء من عملياتها المالية والمحاسبية نظرا للاندماجات بين شركات الخدمات المحاسبية بغرض مواجهة غزو الشركات الهندية للسوق الأوروبية.
ويواجه تعهيد الخدمات المحاسبية في دول أوروبية مثل بريطانيا و ألمانيا طلبا متزايدا نظرا لنقص العمالة بها وارتفاع الأسعار، بينما يعد السوق الهولندي من الأسواق الناشئة والتي يتوقع أن يزيد الطلب بها على هذه الخدمات، في حين يقل الاتجاه في أسواق فرنسا وألمانيا والسويد لتعهيد الخدمات المحاسبية إلى أقاليم بعيدة جغرافيا نظرا لما تشهده هذه الدول من ارتفاع بمعدلات البطالة.
ونوهت الدراسة – التي حصلت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" على نسخة منها - إلى أن أفضل طريق لغزو السوق الأوروبية هو عقد شراكات مع الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال وسطاء أو مباشرة، في وقت تظل فيه الهند من أهم الدول الموفرة لخدمات التعهيد في المجال المحاسبي بالنسبة لكافة الدول الأوروبية، تنافسها في ذلك دول أوروبا الشرقية نظرا لتطور المهارات اللغوية بها واستيعابها لثقافات مختلف الدول الأوروبية.
وذكرت أن النشرة الدولية للمحاسبة قدرت الاستثمارات في مجال التعهيد المحاسبي بنحو 78.5 مليار يورو خلال عام 2005، استحوذت أوروبا على حوالي 39% منها، وأمريكا الشمالية على 37%، في حين حصلت منطقة "أسيا- المحيط الهادي" على 10% منها، و 2% لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حين حصلت أقاليم أخرى مجتمعة على 12% من حجم هذه الاستثمارات.
و كان السوق المحاسبي الأوروبي قد شهد تطورا ملحوظا مع تفعيل قانون " تنظيم الشركات" والذي اشتمل على عمليات وقواعد تنظيمية وسياسات تنظم العلاقات بين الشركات و المؤسسات الأوروبية التي تشرف على أعمالها.
وقامت المفوضية الأوروبية بالإشراف على تفعيل القانون من خلال إلزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتطوير تشريعاتها المالية، مثل فرنسا التي قدمت قانون التأمين المالي. واستعانت شركات المحاسبة الأوروبية الكبرى بمراقبين لمراقبة وثائقها المحاسبية الخارجية، بينما اعتمدت شركات أخرى على مراقبين داخليين لتولى هذه المسئولية.
و تطرق التقرير إلى أن السوق الأوروبي قد حقق خلال عامي 2002 و 2003 نموا هائلا في الاستعانة بالخدمات المالية و المحاسبية والتي انحصر 70 % منها في الخدمات المتعلقة بالرواتب، والنفقات التشغيلية، فيما شهدت الفترة من 2003 إلى 2007 زيادة في معدلات التعاقدات الإجمالية بلغت نحو 58% وذلك بالنسبة للتعهيد لأقاليم بعيدة أو قريبة.
وأوضح أن السوق البريطاني يعتبر من أكبر الأسواق في هذا الصدد حيث ساهم بنحو 44% من سوق خدمات التعهيد المالية و المحاسبية الأوروبية في عام 2006، يليه ألمانيا وفرنسا وهولندا وأخيرا السويد، وان السوق الأوروبية تعتمد أيضا على الخدمات المالية و المحاسبية في الخدمات التكميلية مثل الخدمات الاستشارية.
و ينقسم سوق الخدمات المحاسبية إلى نوعين من العمليات، الأولى عمليات التحويلات المكثفة، والأخرى عمليات التقييم المكثفة – التي يتم من خلالها تقييم مدى صحة الأعمال المحاسبية بواسطة بيانات تفصيلية، وتندرج تعاقدات الخدمات المحاسبية في نطاق عمليات التحويلات المكثفة، وتتضمن الحسابات المدفوعة والحسابات التي يتم تحصيلها، والبيانات الضريبية وإدارة الأصول الثابتة، بينما تعتبر عمليات التقييم المكثفة من العمليات ذات الحساسية الشديدة والتي ترتبط ببنية المؤسسات لذلك يصعب إسنادها للغير، وخصوصا بالنسبة لمجالات الأعمال الصغيرة إلى المتوسطة، وتشتمل على التقارير الإدارية وإدارة المخاطر والميزانية.
وتعتبر قضية تقليل تكاليف التشغيل هي السبب الرئيسي الذي يدفع الشركات في المجال المالي والمحاسبي وفى بقية المجالات إلى تعهيد أعمالها المحاسبية، فيما تعمد بعض الشركات إلى تقليل التكاليف بالنسبة للأنشطة التي لا تمثل قيمة حساسة بالنسبة لها. كما تعد مسألة نقص العمالة المدربة في المجال المحاسبي من أهم المشكلات التي تواجه معظم الدول الأوروبية، فقد أظهر مسح أعدته
"إيه نيفرا" أن 43.4% من الشركات الهولندية تعانى من نقص حاد في العمالة بالمجال المحاسبي، في حين أن 26.3% من الشركات أكد أن تقليل نفقات التشغيل يعتبر العامل الأساسي في تعهيد الأنشطة المحاسبية و المالية وإسنادها للغير.
و من جهة أخرى، تتسبب التشريعات المالية والمحاسبية في الدول الأوروبية في زيادة الضغوط على الشركات العاملة بهذا المجال مما يدفعها إلى تعهيد أعمالها وهو ما ينطوي على مجازفة كبيرة ومخاوف من عدم تمكن الجهة أو الشركة المنفذة من القيام بالأنشطة بصورة مناسبة، إضافة إلى أن كبار المسئولين الماليين في الشركات الأوروبية يزداد تحفظهم على تعهيد الأعمال المالية و المحاسبية أكثر من نظرائهم الأمريكيين.
و ينقسم مقدمو الخدمات العالمية إلى قسمين: الأول مقدمي خدمات العملية الواحدة مثل التعهيد التحصيلى فقط ويعتمدون على برامج وتطبيقات معينة للقيام بهذه المهام مثل شركات
"أو بي أي" و
"في دبيو إيه"و لا تصنف هذه الشركات على أنها شركات محاسبية إلا أنها تقوم بأنشطة التعهيد في دول تمتاز بمعدلات أجور منخفضة مثل الهند، والأخر موفري خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل "
أي بي إم، و
إي دي إس، و
أكسنتشر" وهى تقدم خدمات واستشارات تكنولوجيا المعلومات في المجال المحاسبي، وخصوصا في حلول التحصيل، وحلول المدفوعات، وخدمات التقارير الإدارية والتحليلية، وتقوم هذه الشركات بإيجاد حلول تناسب الأسواق المختلفة التي تعمل بها.
و قد استحوذت
أكسنتشرعلى 24% كنصيب من السوق العالمي في مجال التعهيد المالي والمحاسبي خلال العام الماضي، في حين حصلت
أي بي إم على 20% من السوق نفسه، في حين تمكنت من الحصول على 11% من هذا السوق.
و يعانى السوق الأوروبي نقصا حادا في الكفاءات المؤهلة للاضطلاع بالمسئوليات الوظيفية العليا في المجالات المحاسبية، وخصوصا من فئة المديرين وكبار المسئولين التنفيذيين في هذا القطاع، إضافة إلى التفاوت الملحوظ بين الدول الأوروبية في توافر العمالة المؤهلة التي تتولى المهام الوظيفية مثل المجالات الإدارية والتنفيذية والرقابة والدعم الفني والتشغيلي، والتحليل المالي والمجالات الضريبية.
و تشتعل المنافسة بين الشركات الأوروبية للحصول على هذا النوع من العمالة، وخاصة نوعية العمالة التي تتمكن من التعامل مع التشريعات المالية الجديدة، لذلك يزيد الاعتماد على المتخصصين في مجال المراجعة المالية والرقابة الداخلية، وهو ما يدفع عدد من الشركات إلى ضخ استثمارات للحصول على البرامج التي تمكنها من تنفيذ هذه المهام لتقليل الاعتماد على العنصر البشرى، إلى جانب تقديم خدمات عالية القيمة بالنسبة للعملاء و تعهيد الأنشطة المعقدة نسبيا.
و ناقش التقرير الاتجاهات التي تتحكم في التعهيد بالنسبة للسوق المحاسبي بأوروبا، مثل زيادة الطلب على مراقبة ومراجعة العمليات المحاسبية، وتزايد حالات الاندماجات والشراكات بين الكيانات المحاسبية الصغيرة، وزيادة الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات، وتزايد الاستثمارات في مجال تطوير البرامج المحاسبية، وزيادة الطلب على مراجعي الحسابات بالنسبة للشركات الكبرى، وتغير خريطة موفري الخدمات المحاسبية بسرعة شديدة، وتزايد أنصبة موفري خدمات تعهيد أنظمة الأعمال الهنود في السوق المحاسبي الأوروبي.
و ألقى الضوء على عدد من المحددات التي ينبغي وضعها في الاعتبار عند دراسة السوق المحاسبي في أوروبا وهى أن التشريعات الحاكمة للأعمال المحاسبية خلقت أعباء جديدة على شركات المحاسبة الأوروبية وهو ما يزيد الطلب على هذه النوعية من الخدمات، وأن نقص العمالة يفوق تقليل التكاليف بالنسبة للمجال المحاسبي، و أن الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات يزيد الطلب على خدمات المراجعة المالية أكثر من العمليات البسيطة، وخطورة استحواذ الشركات الهندية على السوق الأوروبية وهو ما يثير جدلا بشأن حقوق الملكية الفكرية.
و أوضحت الدراسة أن سوق التعهيد المحاسبي إلى دول قريبة أو بعيدة جغرافيا انطلاقا من أوروبا لم يدخل مرحلة النضوج بعد، وأن موفري الخدمات ما يزالون في حاجه إلى تطوير التطبيقات المناسبة التي تمكنهم من تقديم خدماتهم، كما أنهم يركزون أنشطتهم على تقديم الخدمات للشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات في حين أن المشروعات الصغيرة و المتوسطة ما تزال في حاجه إلى مزيد من الدعم، غير أن زيادة معدلات التعاقدات والخبرة التي وصل إليها المحاسبين في الدول الأوروبية وتوفير حلول محاسبية أفضل يسرع بدخول السوق إلى مرحلة النضوج وهو ما يقلل المخاطر التي يمكن أن تواجه شركات التعهيد.
و تطرق التقرير إلى قدرات الأسواق المحاسبية في عدد من الدول الأوروبية ومنها، هولندا حيث أكد أن 4% من شركات المحاسبة في هولندا تعتزم تعهيد أنشطتها سواء إلى دول قريبة أو بعيدة جغرافيا، وذلك رغم تطور إمكانيات هذه الشركات و قدراتها للدخول في عمليات تعهيد كبرى ، نظرا لخوف الشركات الهولندية من فقد السيطرة على عمليات التعهيد، و أن الشركات الكبرى مثل "فيلبس و يونيليفر" تعتبر عمليات التعهيد مسألة عادية في حين أن غيرها من الشركات الصغيرة و المتوسطة يتطلب منها الأمر تغييرا جذريا في ممارسة الأعمال.
و توقع التقرير أن يحقق سوق التعهيد المحاسبي في هولندا طفرة قوية خلال الأعوام القادمة، ولكنه لم يحدد موعد تقريبي لحدوث هذا الانفتاح. كما توقع أن يتم تعهيد العمليات التحويلية المكثفة، وان هناك عددا من الشركات التي ستتصدر السوق الهولندية في هذا الصدد و منها "ترادمان" و "تن كيت اند هوزينجا"، وهذا النجاح سيحفز غيرها من الشركات الصغيرة والمتوسطة على الدخول لسوق المنافسة. وأكدت الدراسة أن معدلات التعهيد داخليا في هولندا تصل إلى حوالي 70%، بينما تبلغ معدلات التعهيد للهند 17% ، 5% لدول شرق أوروبا، 3% لإفريقيا، و 2% للصين.
و تناولت الدراسة أيضا سوق التعهيد المحاسبي في بريطانيا، وأوضحت أن استقصاء أجرته مجموعة "
كيه بي إم جي" البحثية أشار إلى أن معظم الشركات البريطانية تميل إلى تقنين العمليات كشرط مسبق للتعهيد، كما أنها تركز على تعهيد المهام المضافة و ليس الأساسية، وان البنوك البريطانية وشركات المحاسبة تأخرت كثيرا في تبنى تعهيد نظم الأعمال، وان رغبة القطاع المالي في تخفيض ميزانياته بسبب أزمات القروض والائتمان دفعه إلى تبنى التعهيد إلى شركات بدول بعيدة جغرافيا.
وأشار مسح أجرته "
بيتكوم/
دي بي سيرش" للأبحاث إلى أن 15% من الشركات الألمانية تقوم بتعهيد وظائفها المحاسبية إلى مواقع بعيدة جغرافيا، ومن المنتظر أن تزيد هذه النسبة إلى 22% خلال الأعوام القادمة، وأن 40% من الإنفاق المالي والمحاسبي للشركات يتركز على العمليات التحويلية.
و توقع المسح أن يزيد اهتمام الشركات الألمانية بالرقابة وإدارة المخاطر والأساليب التحليلية، وان يتم التعامل مع الأرصدة المدفوعة والتي يتم تحصيلها خارج ألمانيا بسبب تقنينها بصورة أفضل عما كانت عليه من قبل، وان بولندا و رومانيا من الدول المفضلة بالنسبة لألمانيا في التعهيد المحاسبي نظرا للتقارب اللغوي والثقافي.